بقلم: د.موسى الخطيب - أستاذ بكلية الطب جامعة الأزهر
أمراض الحساسية تصيب جميع الأعضاء من العينين والأنف إلى المعدة ثم إلى الذراعين والساقين، وكانت هذه الأمراض يطلق عليها أسماء عديدة أخرى مثل سيول الأنف أو الزكام، وحمى القش، وبرد الصيف، والأرتيكاريا والخناق، والبرد الربيعي، والنزلات الشعبية المتكررة، والربو.
والآن تسمى هذه الأمراض جميعا بأمراض الحساسية وهي الحالة التي كانت على الأرجح سبب انتشار القول المعروف: (ما يعتبر لحما (عسلا) لشخص هو السم لشخص آخر).
ومعنى الحساسية هو أن هناك عضوا معينا بالجسم أو نسيجا معينا يتفاعل بطريقة غير طبيعية للأشياء الطبيعية، بمعنى أن هناك ملايين الأشخاص يتعرضون للمواد الكيمائية أو للأدخنة أو للأتربة أو يتناولون مختلف الأطعمة دون أن يحدث لهم حساسية أو تفاعلات غير طبيعية في أي مكان بالجسم.
ولكن هناك إنسانا عندما يأكل الفراولة مثلا أو عندما يأكل البيض والشيكولاتة أو الأسماك المحارية يحدث له نوع من الحساسية الجلدية، أو الأرتيكاريا فهذا الشخص يتفاعل جلده وبطريقة غير طبيعية لأشياء طبيعية مثل تناول البيض أو الفراولة وغيرها، نفس الشيء عندما يستنشق شخص رائحة مواد الطلاء أو تراب المنازل أو الشارع أو رائحة عطرية أو شعر القطن أو الفرو، أو لقاح النباتات، أو أنواعا خاصة من الجراثيم ويحدث له ضيق بالتنفس مع "تزييق" بالصدر، فهذه حساسية بالشعب لهذه المواد التي يستنشقها ملايين الناس دون تفاعل.
وسرعان ما يقوم الجسم بتكوين عناصر وقائية خاصة بالدم لمكافحة تلك المواد المهيجة، وهذا العنصر الكيماوي الذي يتكون في الدم هو من الهستامين وغيره، وهذا هو السبب في أن الأدوية التي تستعمل ضد الحساسية تسمى بـ(مضادات الهستامين).
فإذا كانت كمية الهستامينات التي نمت تكفي بالضبط لأن تتعادل مع المواد المهيجة التي اقتحمت الجسم وتسمى الإليرينات فلا خوف من حدوث أي ضرر، ولكن الطبيعة زيادة في الاحتياط اعتادت أن تنتج أو تنمي من هذه الهستامينات كميات أكثر عما نحتاج إليه، وهذه الزيادة في كمية الهستامينات، التي أنتجت هي سبب التفاعل الحساس، وقد وصفها البعض بأنها الوقاية التي فقد صوابها، وهي كالنار في الموقد، إذا زاد اشتعالها إلى درجة عدم التحكم فيها، فهي قد تسبب احتراق البيت كله.
وتتوقف مشكلة التفاعل على العضو الذي يتهيج بنسبة كبيرة، وهذه تسمى منطقة زناد الاشتعال، وهناك كثير من مناطق الزناد، وهذا هو السبب في أن الحساسية كان يطلق عليها أسماء عديدة مختلفة، فإذا كان الأنف هو منطقة زناد الإشعال، فنحن نصاب بالعطس، وهذه الحالة تسمى حمى القش، وتعرف طبيا بالتهاب الأنف الحساس، وإذا كان الصدر هو منطقة الزناد فإننا نصاب بالسعال الربو بأصواته الموسيقية تزييق الصدر، أو بمعنى آخر التهاب الشعب الحساس.
وكثيرا ما يكون الجلد هو موقع زناد الإشعال، وهنا يسمى بالطفح الأرتيكاريا أو الإكزيما، ولا يوجد خوف على الحاج من مرض الحساسية، ولكن يأتي الخوف على المريض في بعض حالات الحساسية الصدرية أمثال حالات الربو المتقدمة جدا، وذلك من المجهود العنيف الذي قد يبذله المريض في مناسك الحج.
لذلك يستحسن أن يؤجلوا سفرهم حتى يتم احتواء المرض والسيطرة عليه، وفي حالة مرض الحساسية الجلدية يمكن أن يأخذ المريض معه مضادات الحساسية مثل أقراص التافاجيل وأمثالها وغيرها لاستعمالها عند اللزوم، أما في حالات الحساسية الصدرية المسماة بالربو الشعبي، فكل مريض يعلم جيدا حالته، ويعرف الدواء اللازم لها فعليه أن يراجع طبيبه المعالج قبل السفر لتقييم حالته، وإعطائه الدواء المناسب ليستعمل عند الطوارئ.
ولكن هل هناك نظام غذائي معين يمكن أن يتبعه المريض في مثل هذه الحالات؟
بالنسبة لمرضى الحساسية ليس هناك نظام غذائي معين إلا في حالات قليلة جدا، وهي التي تكون فيها الحساسية مصاحبة لتناول أنواع خاصة من المأكولات والعلاج الوحيد الناجح للحساسية للغذاء هو استبعاد الغذاء المسبب لتلك الحساسية، وبالطبع يلاحظها المريض بنفسه، مثل:
بعض الفاكهة: الموز، والمانجو، والفراولة، والشيكولاتة، والبيض، واللبن، والسمك، وغيرها.
أو الحساسية ضد الأدوية مثل: الأسبرين، وأدوية السلفا، والبنسلين... إلخ.
س: كيف يمكن لمريض الحساسية التأقلم على الجو الحار؟
ج: بالطبع رحلة الحج شاقة جدا في الجو الحار، وتؤدي بالمجهود العنيف إلى فقدان كمية كبيرة من الماء والأملاح؛ لذلك ينصح المريض بالإكثار من شرب السوائل بكميات كبيرة جدا، مع الإكثار من أكل المخللات بشرط ألا يكون مصابا بمضاعفات القلب الناتجة من حساسية الصدر.
كما يُنصح المريض بعدم الإجهاد بشتى الطرق، مع الابتعاد عن التعرض مباشرة للشمس وتجنب الزحام الشديد.
س: هل يسمح لمريض الحساسية بالصوم في الحج؟
ج: ليس هناك قيود على مرضى الحساسية من الصيام أثناء رحلة الحج إلا إذا كان هناك إلزام في استعمال الدواء بانتظام، كما أن الصيام لا يؤثر ما دام المريض يبتعد عن الإجهاد الزائد، والزحام الشديد، والتعرض للشمس. لكن يجب على مرضى الحساسية تجنب المجهود العنيف، والزحام الشديد، والأماكن المغلقة التي ليس بها تهوية جيدة، ويجب أيضا على المريض أن يراجع طبيبه المعالج قبل سفره؛ لتقييم حالته الصحية، وإعطائه العلاج المناسب.